عبد الرحمن خالد الديب
طبيب أسنان تخرج من كلية طب الأسنان جامعة طنطا 2010م ، شارك في الثورة المصرية منذ انطلاقها، لطبيب ميدانياً، واختار أصعب موقع للعمل، المستشفى الميداني التي تقع على حدود ميدان التحرير، وهو المكان الذي هاجمه البلطجية مراراً أثناء الثورة.
شارك في معظم فعاليات الثورة بعد ذلك، عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، وابن عضو مجلس الشعب السابق خالد الديب، الذي كان ممثلاً عن حزب الحرية والعدالة.كان من أوائل الطلاب في كافة مراحل دراسته ، وأتم حفظه للقرآن الكريم في الصف الثالث الاعدادي ، وكان يؤم المصلين في الصلاة .وهو أحد نشطاء العمل الطلابي والشبابي بالجامعة ، فكان عبد الرحمن هو مسئول العمل الطلابي والدعوي بالكلية وأسس مع آخرين أسرة المستقبل ، وحصل على جائزة الأدب القصصي بجامعة طنطا ، وشارك في فعاليات المنتدى الأول “فورشباب” بمملكة البحرين ، كما تم انتخابه “أمين الخريجين” لدفعته والتي سميت “دفعة الثورة”.
وبعد تخرجه تم انتخابه عضواً بالأمانة العامة وأمينا للشباب بحزب الحرية والعدالة بمدينة ميت غمر وكان له العديد من المشاركات السياسية والخدمية.
يقول عنه أحد أساتذته دكتور تامر نصر مدرس بجامعة طنطا: “أشهد بأنه كنت مختلفا عن كل من عرفت في حياتي أفتش في ذاكرتي عن شخص مثلك أجدهم كلهم فيهم المميزات والعيوب إلا عبد الرحمن ، لم أجد له عيباً قط ، طوال أكثر من ثماني أعوام عرفته فيها ، كنت تلميذا ودودا، هادئا، كنت صديقا، قمة الأدب والاحترام، ونابغة في الحياة ، كنت شخصية منفردة من نوعها من ناحية الأدب والعلم وحنكة الرأي ورجاحة العقل على صغير سنه. وتضيف زميلته الدكتورة نهال ابو الفضل:”دوماً كان شعاره أصلح نفسك و ادعوا غيرك، لم يختلط بشخص إلا وكان صاحب موقف معه، لم يطلبه شخصاً فى إغاثة، إلا وأغاثه بكل ما أوتي من قوة.”
من مواقفه التي تذكرها والدته أنه أثناء امتحانه بالشهادة الإعدادية ، سمع زميله يغشش آخر بإجابة سؤال، فعدل عبد الرحمن الإجابة ، وبعدما سلم ورقه شعر بالذنب فطلب ورقته لشطب إجابته، فرفض المراقبون فبكي، فاستدعوا مراقب، الدور فسلمه الورقة وشطب الإجابة الصحيحة حتى لا تكون غشاً، وقد زاره هذا المراقب فيما بعد وأخبره بأن موقفه هذا غير منه كثيرا.
وهذه كلمات خطها الشهيد عبدالرحمن لولده الذي لم يأت إلى الدنيا:
“يا ولدى: تلك الجنة التى أمامك الآن، كانت قبل سنوات مملكةً مهجورة، وقطعةً من خراب ٍمنفِّـر، ذلك العدل الذى أمامك يا ولدى كان قبل سنوات طغياناً فاشياَ وظلما طاغياً، تلك المودة التي تشعر بها الآن ياولدى كانت قبل سنوات جفاءً قاسياً، وقسوةً جافية. ما تستمتع به الآن، ثمراتُ نبت ٍزرعناه قبل سنين، و زهرات طاهرات رويناها بدمٍ أحمر قانٍ لمخلوقات هي الطهر ذاته ، فارقتنا إلى ربها وتركتنا وحدنا نصارع الحنين، كل ذلك ياولدى، لأننا فى يوم ما قلنا ”لا” ، ولأننا فى لحظةٍ فارقة ضحينا بكلِّ شيء، فأنعم الله علينا بكل شيء.
إستمتع يومها يا ولدى كثيرًا، وإفرح يا فلذة كبدى حينها طويلا، فقد عاش أبوك واعمامك سنين عجاف حتى يخرج الله بنا جنينَ النعيم من رحم المكابدة والصبر والإبتلاء، ارووها لابنائكم عن عمهم عبد الرحمن.”
كتبت له والدته رسالة في عيد ميلاد الخامس والعشرين في 5 يناير 2014 :
“اليوم أتممت ياولدى 25 عاماً تنقلت فيها بين مقامات التفوق الديني والعلمي والإجتماعي، جلست بعد صلاة فجر اليوم يمر أمامي شريط ذكرياتك:
تذكرتك يا ولدى وأنت طفل صغير تنزل مسرعا من الدور السادس مع أخيك محمد للصلاة فى المسجد. أخبرنا الجيران بعد ذلك أنهم كانوا يعرفون أوقات الصلاة من وقع أقدامها على الدرج. وتذكرتك حينما كنت تدخل من المدرسة فتسارع إلى عمل واجباتك، فنطلب منك تغيير ملابسك أوﻻ. وتذكرتك وحولك الأطفال على مسرح مدرستك الابتدائية تقرأ القرآن فينشدون “غرد يا شبل الإيمان..غرد واصدح بالقرآن.”
وتذكرتك وأنت تتسلم جائزة التفوق من نقابة أطباء الدقهلية فى الشهادات الثلاث. وتذكرتك وأنت فى كليتك طب أسنان طنطا وأنت تصول وتجول فى إتحاد الطلاب وفى أسرة المستقبل وفى علاقاتك المتميزة مع أساتذتك وزملائك. وتذكرت إنتخاب زملائك لك أمينا للخريجين، ويوم حفل التخرج كانت كلمتك رسالة حملتها من ميدان التحرير إلى زملائك؛ فأبكتنى رسالتك مع من بكى. وتذكرت فى مؤتمراتي حين كنت أسأل من حولي عن ملاحظاتهم على كلمتي يثنون خيرا فأقول: هاتوا عبد الرحمن ، فتقول أخطأت في كذا، وكررت كذا..
وأستفيد من ملاحظاتك. وتذكرت حينما جاء تكليفك للريف أثناء مجلس الشعب، وكان من اليسير حينها نقل التكليف بالقرب من البيت ولكنك شجعتنى على أن نعطى القدوة من أنفسنا، وقضيت تكليفك فى أسيوط والمنيا البعيدتين في أقصى البلاد حتى لا يقال استغل سلطة أبيه. وتذكرت فى الفترة الأخيرة، حين أخذنا جولة سويا لنختار عيادة أكبر ليكون فيها جزء للعيون والآخر للأسنان تخصصك، ولكن الله اختار لك مقاما آخر إلى جواره أسأله أن يجعله فى أعلى عليين، ومكثنا نحن فى هذه الدنيا الفانية إلى حين، نتحمل كذب الكاذبين وظلم الظالمين ونصارع الباطل حتى نقيم دولة العدل أو نمضى شهداء فنلتقى على حوض نبينا، ونعوض ما حرمنا منه من صحبة طيبة شغلتنا عنها واجباتنا، فإلى الملتقى يا ولدي.”