يحيى عيد محمد عبد العال
كان يحيى زوج وأب لثلاثة أبناء، يعمل موظف بعقد مؤقت في شركة المقاولون العرب، كان مهموماً دائما بانتهاء مدة العقد، فكانت زوجته تطمئنه أن الأمور ستكون على ما يرام، لكنه كان يحمل هم نفقات أبناءه الصغار، أحمد، 15، محمد 11، وهشام 7 سنوات.
تحكي زوجته قصة قتله فتقول أنه كان منتدباً للقيام ببعض أعمال الصيانة في قصر المخلوع حسني مبارك، وأخبرها أنه سيبقى هناك حتى اليوم التالي، ولم يكن اليوم التالي يوماً عادياً، بل كان “جمعة الغضب”، شدد يحي على زوجته ألا تسمح لأبنائهم بالخروج من المنزل في اليوم التالي لأي سبب.
في اليوم التالي لم يعديحيى للبيت كما وعد، حتى نهاية اليوم وعند منتصف اليوم اتصل شخص بالبيت وأخبرها أن زوجها مصاب في مستشفى المرج، وعندما ذهبت إلى المستشفى، الذي كان تعمه الفوضى وجدت زوجها في غيبوبة، كلما أفاق منها ردد ” الضباط ضربونا بالنار، حرام اللي بيحصل”، وكان الجميع يصرخ ويستغيث ولا مجيب من كثرة عدد المصابين.
أصيب يحيى بأربعة رصاصات، واحدة في صدره، والثانية في بطنه، والثالثة في قلبه، ورابعة في ظهره، تتذكر ذلك زوجته وتقول، كان يحاول أن يساعد المصابين، لأنه لم يكن ممكناً أن يجد جرح ملقين في الشارع وأن يمضى في حال سبيله، رغم أنه طوال حياته لم يكن يفعل أي شئ سوى التركيز على عمله ورعاية أبنائه الذين كسر قلبهم قتل أبيهم.
تقول الزوجة: ” أبنائي الآن يبكون كل ليلة بحرقة ومرارة على أبيهم، لا يدرون كيف ستسير حياتهم دون أبيهم، رسبوا لأول مرة في حياتهم في الدراسة، فهم يرفضون الحياة، ولا يتقبلونها بعد قتل أبيهم، ويسألون من سيذاكر معهم دروسهم ومن سيعطيهم دروس الحياة والأمل والسعي والإجتهاد؟.”
يقضي محمد الإبن الأوسط الوقت في غرفته، يرسم صور لأبيه، أو يملاء الكراس شخابيط، وعندما تسأله والدته لماذا يشخبط يرد عليها، “هذه هي حياتي الآن.”.