محمد زكي أحمد
كان كان محمد مسؤولا عن رعاية أسرته، بعد وفاة والده (ثم شقيقه) قبل ثلاث سنوات من وقوع ثورة يناير، كان يعمل في محل فرارجي وينفق كل ما يكسب على أسرته، عندما طلبت منه والدته أن يطلب من أخيه الأصغر أن يترك الدراسة، ليعمل ويعاونه في نفقات الأسرة، رفض محمد وقال لها “بل سأعمل أنا ويكمل أشقائي دراستهم.”
تقول والدته أنه أخذ علي عاتقه مسؤولية الأسرة كاملة راضياً، خاصة وأن والده لم يكن لديه وظيفة ثابتة، فلم يكن هناك معاش للإنفاق على الأسرة، وكان يتمنى أن يواصل أشقائه تعليمهم وتأخذ حياتهم مسارات مختلفة، وأن يصبح منهم الضابط ومنهم الطبيب.
ورغم متاعبه، كان يتألم عندما يرى معاناة الناس الآخرين، فكان يحكي لوالدته عن البسطاء الذين يأتون إليه في محل الدجاج الذي يعمل به والذين يأتون ويشترون “أرجل الدجاج” لعدم قدرتهم على شراء الدجاج، وكان يضيق بالظلم الذي يراه حوله، والفساد وتزوير الانتخابات، ويتمنى أن يأتي وقت أفضل لمصر والمصريين.
تذكر والدته قبل قيام الثورة بعشرة أيام عندما ذهبت معه لاستخراج بطاقة شخصية لها، قال لها:” بلدنا بها ظلم كثير، وخير الغلابة مش ليها، لازم الأمور تتغير.” وعندما ردت عليه بأن عسى الله أن يغير الأمور رد عليها:” بكرة نعيش في حال أفضل.”
تتذكر والدة أحمد آخر مرة غادر فيها منزله، عندما عاد يوم 27 يناير إلى البيت وكان يشعر بضيق شديد، وجلس يشاهد التليفزيون معهم، ثم أخبرها أنه عليه أن يذهب لقضاء أمر، وعندما سألته إذا كان ذاهباً للانضمام إلى المتظاهرين، قبل يدها وطلب منها أن تترك الأمور لله، ثم اتصل مساء ليخبرها أنه لن يعود للبيت هذه الليلة. وفي اليوم التالي ظنوا أنه توجه لعمله في محل الدواجن، وعرفت أسرته عن إطلاق النار الحي والأحداث التي تجري في التحرير، ورفضت والدة محمد أن تسمح لأي من أبناءها بمغادرة البيت، حتي للبحث عن شقيقهم، حتى كانت الساعة الثانية من صباح اليوم التالي عندما اتصل أحد أصدقاء محمد ليبلغهم بوجوده في المستشفى، وآثر الصديق ألا يخبر الأم عن وفاة محمد، حتى ذهبت إلى المستشفى وعلمت بالخبر هناك، وحصلت على تقرير الوفاة يفيد بإصابته بطلقات حية، فأخذت الأم جثمان ابنها لتواريه الثرى بجوار أبيه وأخيه.