مصطفى سمير أحمد الصاوي
كان مصطفى إمام مسجد الحصري، يحفِّظ القرآن لعشرات الأطفال، في المنطقة التي يسكن بها، العجوزة، كما يؤمُّ المصلين بها وبغيرها من المساجد.
قتل مصطفى الصاوي في يوم جمعة الغضب، التي تصادف أن تكون يوم عيد ميلاده أصابه الرصاص المطاطي الذي أطلقته الشرطة المصرية على المتظاهرين السلميين في ذلك اليوم، وكان واحداً من مئات قتلوا في ذلك اليوم.
يحكي قصته محمد عبد الرازق زوج أخته، وصديقه ومربيه: “كان مصطفى حافظًا للقرآن بأكمله، يؤمُّ المصلين في رمضان، وفي غيره من الشهور، وينشد بصوته الرائع الأناشيد الدينية. كان منظماً جداً، يحدِّد هدفًا واحدًا فقط في فترة ما، ويسعى إلى إنجازه بكلِّ ما أوتي من قوة، ثم يبدأ في التوجه إلى هدف آخر وهكذا، في الثانوية العامة كان إتقان اللغة الإنجليزية متعثراً عليه، فحدد هدفه أن يجيدها خلال مرحلة معينة، وبالفعل التحق بالدورات التدريبية بالجامعة الأمريكية، واجتاز 11 مستوى من أصل 13.”
أضاف عبد الرازق أنه مصطفى تلقى عروضاً لتسجيل شرائط إنشاد بصوته الجميل من أجل بيعها، إلا أنه رفض بشدة، وكانت أسرته تفسر ذلك فأنه لا يريد أن يتكسب من صوته، غير أنهم علموا لاحقاِ أنه لم يكن يحب الشهرة، زاهدًا فيها، بل ولا تشغله الحياة من الأساس، يكتفي بالأساسيات، فلا يوجد في غرفته إلا فراشه ومكتبته، ولا يوجد بها سجاد ولا زخارف ولا أشياء كمالية. كان مصطفى مبتسمًا دائمًا في وجه الجميع، ويقابل كل المشكلات ببساطة بالغة.
وتحكي والدته آخر ليلة قضاها معها “سهرنا معًا يوم الخميس إلى صلاة الفجر، فصلينا، وقلت له بعدها اذهب للنوم لأنك تعبت اليوم جدًّا، ولا تذهب للمظاهرات.” فردَّ عليها في سرعة بالغة: “أنا ذاهب طبعًا لأني سوف أستشهد غدًا بإذن الله.”
في اليوم التالي، استيقظ، هرول إلى الصلاة، ثم إلى التظاهر بالقرب من كوبري قصر النيل الشهير، حيث لقى حتفه.
أثبت تقرير الطب الشرعي إصابة مصطفى، بطلقات نارية خرطوش بمنطقة الصدر، ونتج منها 25 ثقبًا. العجيب أن السلوك الإجرامي لرجال الأمن، لم يترك حتى الجنازة، إذا بعد انتهاء إجراءات التكفين، وخروج المشيعين وراء الكفن، سيراً على الأقدام وبعد زيادة عددهم، هاجمت قوات الأمر الجنازة وأطل الأمن الرصاص عليها.