علاء الدين عبد المنعم مهران القماش (18 عاما) كان طالبا في الفرقة الثالثة بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، وابن منطقة حلوان (جنوبي القاهرة)، أصيب بطلق ناري في الصدر، يوم الأربعاء، 19 مارس/آذار عام 2014، خلال مشاركته بإحدى فعاليات رفض الانقلاب العسكري بمنطقة عرب غنيم.
“الواحد مش هيلاقي أحسن من الشهادة عشان يبدأ بيها حياته”.. كان ذلك من آخر ما كتب علاء القماش على حسابه الشخصي بموقع فيسبوك.
علاء من أسرة مكونة من 5 أفراد، هو وشقيقه وشقيقته إضافة إلى والديه، وكان محبوبا مقربا إلى جميع أفراد أسرته بل وعائلته الأوسع، وترك فراقه أثرا كبيرا فيهم، حتى أشفق والده على والديه (جدي علاء) من فاجعتهم فيه، فقد كان بارا واصلا لهما، قائما على خدمتهما.
يقول والده، إن ابنه علاء كان من أحب الخَلق إلى قلبه، كيف لا وقد رباه على الخير والطاعة وحسن الخلق، وقد كان حسب شهادته له، صواما قواما ذاكرا لله، ساعيا في خدمة الآخرين وقضاء حوائج المحتاجين.
يعرفه الرجال والنساء، ويحبه الصغير والكبير، وكان له علاقة خاصة بأطفال منطقته، حيث كان حريصا على ودهم والترفيه عنهم، يجلب لهم الحلوى والهدايا، وحين علموا ما حدث له بكوا بكاء شديدا.
حسب والده، لم تفارق الابتسامة وجهه منذ وحتى دفنه، ويقول “أحسب أنه كان يرى مقعده من الجنة، وقد رأينا من المبشرات الكثير منذ الاستشهاد وحتى الدفن”.
يتابع الوالد: “رأيت وجهه يشع نورا حتى دفناه، وأنا على يقين أنه حي عند ربه كما أخبرنا”.
يستذكر الوالد كيف أنه في يوم استشهاده اجتمعت أسرته، عمات علاء وأعمامه، عنده في منزله على غير العادة، وتناولوا جميعا ومعهم ابنه علاء الغداء قبل خروجه مساء ليعود إليهم شهيدا، وقد كان ذلك الجمع مباركا زاد من الاستبشار بقبوله شهيدا لدى ربه.
كان علاء مكثرا من قيام الليل وصيام النافلة في أيامه الأخيرة وكان محافظا على الصلاة في أوقاتها، وقد اصطفاه الله وخصه بالشهادة لما يحسبه والده، صدقا لديه في العمل لها والسعي إليها.
كان محبا للنشاط والحياة الصحية، وكان شابا رياضيا، ومن أحب الرياضات إليه، ركوب الدراجات الهوائية، وكان يحرص على المشاركة في فعاليات ركوبها لمسافات طويلة، بمشاركة عشرات الشباب ممن يشاركونه ذات الهواية، كما سعى لاحتراف الأمر والبحث عن مراكز تدريب متخصصة.
تحكي شقيقته كيف أنه في الأساس رغم اعتياده المشاركة في الفعاليات الرافضة للانقلاب، لم يكن خارجا بنية المشاركة في تلك الليلة، وإنما كان يقضي مصالح له بإحدى المناطق، وحال عودته صادف الوقفة وهي تُهاجم من قبل قوات الأمن، وبمجرد مروره أصابته الرصاصة في صدره.
وبعد 5 سنوات من وفاته، تستحضر شقيقته الذكرى وترى حينها أن استشهاده في مقتبل العمر، كان رحمة من الله به، وجزاء على اتصافه هو بالرحمة مع الخلق، مع دعاء بأن يشملها الله برحمته ويجمعها به في الجنة.
كتب صديقه وليد، عقب دفنه “هفرح عشان شفت في جنازتك أكثر من 100 ألف والكل بيدعيلك وبيقول انك بطل، قبل ما تموت كنت بتضحك ولما مت كنت بتضحك وكنت اللي بترسم الابتسامة على وشوشنا”.
اعتاد أصدقاؤه على الكتابة عنه، إذا قال صديقه إسلام رضا “نحن في أشد انشغالاتنا بالحياة لايمكن أن ننسي
تلك النفس الطيبة التي لاقت ربها منذ 6 سنوات ليلة ١٩ مارس لعام ٢٠١٤، لقد كنت أخا وصديقا تقيا نقيا”، واستحضار ذكراه وأثره الإيجابي فيهم، وعدم نسيان مبادئه التي دعا لها، وحديثه البسيط العميق، وصدقه في طلب الشهادة، وابتسامته العذبة الخفيفة.
مما ترك أثرا كبيرا في من وقفوا على سيرته وتتبعوا قصته، أحد منشوراته التي حظيت بإعادة نشر واسعة، وكتب فيه “هل سيأتي اليوم كي أرى من مكاني حيث أنا وقتها بفؤادي أصدقائي يكتبون آخر كلمه قلتها لهم فى محادثاتى ويكتبون نحن كنا نعرف ذاك الشخص عن قرب..”
كانت جنازته مهيبة شارك فيها جميع الأطياف العمرية، واستبشر أهله وأصدقاءه خيرا بيسر الغسل وحركة النعش والأجواء الروحانية التي ظللت الحدث، وبكاه أصدقاءه خلال الجنازة بحرقة وبعدها، كما تتابعت الوقفات أمام منزله منادية بأخذ الحق له ولجميع من سقطوا على يد قوات الأمن.