محمود سعد محمود، 21 سنة، كان شاباً طموحاً يحلم بأن يصبح طبيبًا ناجحًا يخدم مجتمعه، ومن بجانب اجتهاده في التحصيل العلمي، الذي قاده للالتحاق بكلية الطب، كانت يهوى تصميم المواقع الالكترونية. انضم محمود إلى كلية الطب جامعة قناة السويس وتفوق في دراسته ووصل إلى الفرقة الخامسة. وكان يشارك كذلك في الأعمال المجتمعية وينتمي إلى عدة منظمات شبابية مثل “سينما النهضة” و”حملة شباب بيحب الخير”. لكن للأسف حياته القصيرة انتهت ضمن مئات الضحايا الأخرين في مذبحة رابعة العدوية، 14 أغسطس 2013، حيث كان أحد المعتصمين في الميدان.
جاء التحاقه بكلية الطب بعد حصوله على العديد من الشهادات التقديرية في المراحل الدراسية السابقة، وفي المرحلة الثانوية حصل على مجموع 410.5 من 410 درجة. غير أن تفوقه الأخلاقي لم يقل عن تفوقه العلمي، فقد كان حريصاً بعد التحاقه بالجامعة على خدمة زملاؤه من خلال اتحاد الطلاب.
تحكي شقيقته عن وصول الخبر المشؤوم للأسرة: ” في السادسة صباحاً عندما علمنا أن قوات الأمن ستهجم على ميدان رابعة العدوية، حاولت الاتصال بمحمود عدة مرات، لكنه كان يرفض المكالمة، ثم لاحقاً كان الهاتف يرن ولا يرد أحد، وأخيراً عندما تم استقبال المكالمة جاء صوت غريب وأبلغنا أنه لا يعرف إذا كان صاحب الهاتف مصاب أم شهيد، ولاحقاً عندما اتصلنا مرة أخرى أخبرنا من أجاب الهاتف بالخبر الحزين.”
للأسف لم يكن قتل محمود هو الألم الأخير لهذه الأسرة، إذ بعد أربعة أشهر هاجمت قوات الشرطة منزل الأسرة تحاول اعتقاله، وعندما أخبرتهم والدته أنه لقى ربه في المذبحة، لم يصدق أفراد الأمن أولا، ثم قاموا بتفتيش المنزل كاملا، بحسب شقيقته، وسألوا عن رب الأسرة، وعندما أخبرتهم والدة محمود أنه مسافر سألوا عن المتواجدين في البيت، وكان الرجل الوحيد البالغ هو الشقيق الأصغر محمد، طالب الهندسة، فطلبوا منه أن يرتدي ملابسه وقاموا باعتقاله، لتبقي الأم والابنة وحدهما مع أصغر الأبناء، الشقيق الأصغر، وهو طفل عمره 12 عاماً.
المأسآة المساوية لمقتل محمود سعد محمود هي أن جثمانه اختفي، بحسب أسرته، رغم أن صورة جثمانه تم نشرها إلا أن البحث عن الجثمان نفسه في المستشفيات والمشرحة لم يأت بنتيجة، حتى أن والدته تقول ” بحثت عنه حتي في صناديق القمامة القريبة من محيط ميدان رابعة العدوية ويقول والده بحثت عنه في جميع مستشفى بعد فض الاعتصام، كنا نتمنى فقط أن ندفنه ونعرف مكان قبره لنذهب ونزوره.”
تداول أصدقاءه أحد الأوراق التي كتبها عندما بدأت المشاحنات السياسية تشتد في يونيو 2013، كتب ” اللهم إنك تعلم أن نزولي فيك، ولا أنوي أن أؤذي أحد، ولا أريد ما وصلت إليه بلادنا، لكنها الضرورة، أنت أعلم بالنية وتحاسب عليها، اغفر لي وأرضى عني وادخلني الجنة في عداد الشهداء، يا رب عصيتك ولكنك كريم رحيم صبور. 20 يونيو 2013 ”
في نهاية حديثها تقول شقيقته متألمة أنها تتمنى أن يُحرم من اعتقل شقيقها محمد وقتل شقيقها محمود من الشعور بالأمان حتى يجرب ما مرت بها أسرتها.