وُلِدَ محمد أحمد التهامي عبد المقصود في الإسكندرية في 26 من نوفمبر/تشرين الثاني 1991م، حفظ القرآن الكريم قبل مقتله بفترة قليلة، وتدرج في تعليمه حتى وصل إلى العام الأخير في كلية التجارة بجامعة الإسكندرية، وله من الأشقاء مروة ومصطفى، وأقاموا جميعًا في منزل للعائلة.
بعد التغيير السياسي الحادث بمصر في 3 من يوليو 2013م وعزل الجيش لأول رئيس منتخب في تاريخ البلاد بصورة صحيحة شاركت عائلة محمد في المظاهرات؛ وبادر بعضها بالسفر إلى اعتصام رابعة العدوية في حي مدينة نصر (شرقي القاهرة) ومعه عدد من أعمامه وأخواله وأبنائهم؛ قبلها شارك الفقيد بجمعة “لا للعنف” في 21 من يونيو/حزيران من نفس العام، وعاد لمحافظته رافضًا مواصلة العمل، وشارك في المظاهرات التي سبقت التغيير السياسي بوقت قليل، حتى أنه بدأ اعتصامه في رابعة منذ 28 من يونيه/حزيران السابق؛ رافضًا التوجه للإسكندرية وناصحًا شقيقه مصطفى بمواصلة المظاهرات هناك ليرعى شئون الأسرة.
يقول والده: “ابني كان ينقل اعتصامه ما بين الحرس الجمهوري ورابعة العدوية؛ ويوم استشهاده (فجر الاثنين 8 من يوليو/تموز 2013م في مذبحة الحرس الجمهوري الثانية) كان معه ابنه عبد الرحمن وابن أخي (ياسر) وهو الذى أبلغني بالخبر، ولم نفاجئ بالخبر على الإطلاق، وكنا نتوقع ارتقاءه لدرجة أن شقيقته مروة كانت تطلب منه أن يجدد نيته للشهادة في كل لحظة، وكان يؤكد لها أنه يفعل ذلك وينتظر من الله أن يصطفيه”، بحسب صفحة احكيلي عن شهيد.
ويضيف والده: “ابني اُستشهد برصاصة في البطن خرجتْ من الظهر، ولم يوافق أمن الانقلاب على تحرير محضر بذلك بعدما أكد شهود عيان أن قوات الجيش هي التي أطلقتْ عليه النار، والاعتصام كان به عدد كبير من أقاربنا فتمكنوا من الوصول لجثمانه بسرعة وإحضاره للإسكندرية قبل صلاة العشاء وقمنا بدفنه بعد ظهر اليوم التالي (الثلاثاء)”، وحضر الجنازة عدد من الثوار وتواصوا باستكمال الثورة.
والدة الراحل حنان فرغلي قالت في مقابلة مع برنامج أحياء في الذاكرة بقناة الجزيرة مباشر الذي تم رفعه على شبكة الإنترنت في 31 من أكتوبر 2013م إن: “ابني كان كقرآن يمشي على الأرض، فإن غاب عني حدثتُه هاتفيًا، وكلما دخل المنزل أسرع يُقبل يديّ ويحضتنني لأشعر بسكينة في حضنه؛ ويحرص على أن يكون بارًا بي، وكان دائما ما يُحدثني عن رغبته في أن يسود العدل بين الناس، وفي أن يخدم الإسلام والمسلمين”.
وتؤكد أنه كان “مُتفانيًا في دعوة الآخرين (للالتزام الديني)، كما أنه كان مُتسامحًا لا يغضب أحدًا منه، وعطوفًا، يساعد الجميع؛ و أسأل الله أن ينتقم ممن ظلموه وحرموني منه؛ ولا تمر لحظة عليّ إلا كأنه معي لأقول فيها حسبي الله ونعم الوكيل في من قتل ابني، وحرمني منه في أول عيد أضحى يمر بعد غيابه الدائم”.
وتشدد والدة محمد على أن: “أكثر ما يؤلمني هو وصف ابني بالإرهابي؛ مع أن الحقيقة هي أن الذين قتلوه هم الإرهابيون، لذلك أدعو أن يُذيقهم الله مرارة فقد الأبناء، وينتقم منهم هم وكل من أيدهم ولو بشطر كلمة”.
وعن آخر ذكرى لوالدته معه قالت حنان: “اليوم السابق لاستشهاده (الأحد) أتصل بي ثلاث مرات ليطمئن عليّ، ورغم أنني كنتُ في مشوار طويل، إلا أنه طلب مني المشاركة في مسيرة في الإسكندرية؛ ورغم أن قدمي كانت تؤلمني بشدة، إلا أنني استجبتُ له؛ ونزلتُ مع أخته مروة؛ وظل يتابع معي على الهاتف إلى أن عدتُ من المسيرة، وطلب مني أن أنتبه لصحتي ولأخوتي ومصطفى وأخته، وألّا أبكي على أي شهيد بخاصة أستاذه الذي كان يحبه عادل شلبي لإنه في مكان أفضل من دنيانا لدى الله”
وصف نجل خالة محمد أحواله فقال: “كان من أفضل الشخصيات المحترمة إللى عرفتُها فى حياتى كلها؛ ومن الشخصيات النادرة إللى ممكن حد يقابلها في حياته؛ … لما كنا نتجمع ونلعب كورة (قدم) كلنا مع بعضنا (أصدقاء وأقارب) كنا بنخلص لعب على صلاة المغرب؛ وكنا دايمًا بنبقى عايزين نكمل لعب؛ ولكن هو كان دايمًا بيصر ويشجعنا على أننا بعد مانخلص كورة نُصلي المغرب جماعة، وكان هو الإمام بتاعنا دايمًا، وعمره ماكان بيشتم، ولا بيطلع (من لسانه) لفظًا مش كويس، وكان دايما على لسانه ذكر الله”.
بعد وفاته ألقت والدته كلمة في جامعة الإسكندرية بحسب فيديو في فاعلية حركة سادة بآداب الإسكندرية المرفوع على شبكة الإنترنت في 21 من أكتوبر 2013م.