“ﻻ تطلب السماح مني قبل رمضان فلا اذكر اني حملت في زوايا قلبي حقدا عليك” من هذه الكلمات التي كتبها بطل قصتنا في عند حلول شهر رمضان الأخير قبل مقتله نفهم طبيعة شخصيته ونستوعب سر ابتسامته الدائمة التي لا تفارق وجهه.
عمر نيازي محمد مؤيد يبلغ من العمر 18 عاما من مواليد قرية شوبك بسطة في مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية٬ كان طالبا في الفرقة الإعدادية بكلية الهندسة بجامعة الزقازيق، كان عضوا في اتحاد طلاب كلية الهندسة رغم كان بدأ توا حياته الجامعية، قٌتل بطلق ناري في الرأس في مذبحة النصب التذكاري التي وقعت يوم 27 يوليو 2013 بعد إعلان الانقلاب العسكري قبلها بثلاثة أسابيع.
نشأ عمر في المملكة العربية السعودية بحكم عمل والده هناك، وعُرف بالتدين والالتزام منذ صغره٬ وقد حفظ القرآن الكريم كما استطاع الحجّ 7 مرات، وشهد له كل من عرفه بحسن الخلق والسمعة الطيبة وببشاشة الوجه والروح. كان محبًا للجميع ومساعدًا للكل، إيجابيًا مناصرًا للحق مناهضًا للظلم، كان متفوقًا في دعوته كما في دراسته.
يقول والده “والله ما طلبت من ولدي طلبا او آمرته امرًا إﻻ وهو يرد على حاضر ونعم رحمك الله يا حبيبي.”
أما أحد أصدقائه والذي وصفه بارق إنسان شاهده في حياته٬ فيحكي عن موقف شاهده وهو أن عمر بعدما كان ينتهي من صلاة الفجر٬ كان يجمع الأولاد الذين يبيعون المناديل في الشارع في هذا الوقت ويحضرهم إلى بيته لكي يفطر معهم.
ويحكي صديق آخر أنهم في مرة لعبوا لعبة كرسي الاعتراف٬ وكان السؤال لعمر: هل عندك حلم بعيد المدى غير مستقبلك المهني والتعليمي أو الزواج٬ وهل هناك مشروع تحب أن تقيمه مستقبلا؟ وكان جواب عمر “بصراحة هو في هدف بعيد شوية انى افتح مؤسسة للمناظرات ونشر الوعي الديموقراطي، عشان يخرج سياسيين محترمين ومحترفين وقادة عظماء.”
ويقول صديقه إبراهيم سليمان عمن قتل من طلاب جامعة الزقازيق: “آخر مرة سلمت فيها على الشهيد محمد بيومي، قال هو أنت تقرب لعمر نيازي؟! قلت له: كان حبيبي.. قال: أصل أنت شبهه أوي! أنت الآن معه يا محمد وأبقى سلم لي عليه”
بعد الانقلاب العسكري شارك عمر في اعتصام رابعة رغم خوف والده عليه وتحذيره الشديد له؛ خوفًا عليه لا معارضة، لكنه كان دائم الاتصال به من الخارج لتوصيته ألا يعرض حياته للخطر ، وفي كل اتصال كان عمر لا يردد سوى كلمات: “نعم وحاضر يا أبي”، كي يريح قلب أباه.
لكن شاء القدر أن يكون أحد ضحايا مذبحة النصب التذكاري قتل إثر إصابته بطلق ناري في الرأس من قبل قوات الأمن، وفي اليوم التالي، والذي وافق الأربعاء 28 يوليو 2013 أعلن أحد الواقفين على منصة اعتصام رابعة العدوية وصول جثمان عمر نيازي قد وصل إلى الميدان للصلاة عليه، وأن طائرة تقلّ أباه أيضًا وصلت، والمسافة غير بعيدة من المطار لميدان رابعة العدوية.
يقول صديقه أحمد صبري عبد المقصود “الذي تخطى أسوار الحياة، واستقر فوق أريكة القلب، الذي حطّ عليها بابتسامته الخجولة و الرائعة والهادئة لأخ أقف على أعتاب ذكراه. لا حول لي ولا قوة إلا بالله٬ أرجو وأتمنى أن أكون أول من يعقبه ويتبعه أخي عمر.. قليلاً من الوقت ونلتقي؛ فلا تبتئس؛ لأنك في دار الآمنين، واستيقن أنني لن أنساك أبدًا”.
وقد شيع الآلاف من أهالي الشرقية جثمان الطالب عمر، وأدى المشيعون صلاة الجنازة علىه بمسجد الفتح بالزقازيق، وسط دعوات بالقصاص العادل، وخرج المشيعون في مسيرة جابت شوارع وأحياء مدينة الزقازيق حتى قرية شوبك بسطة مسقط رأس، وقال والد عمر إن الجميع مستمر في الاعتصام حتى يسقط الانقلاب ويأتي القصاص لجميع الشهداء.
ومن الجدير بالذكر أن عناصر من قوات الشرطة المدنية والشرطة العسكرية اعتقلت خمسة طلاب من كلية الهندسة جامعة الزقازيق من مسجد الحريري وقبل توجههم لتشييع جنازة زميلهم عمر نيازي.