رانيا فؤاد

مثلتْ الشهيدة رانيا فؤاد تعبيراً عن “نقطة تمنع الرجوع أو اليأس” في تاريخ الثورة المصرية، وبحسب تقرير شهداء محمد محمود.. «رياحٌ تهز الشَّعير» ـ المصري اليوم في 18 من نوفمبر/تشرين الثاني 2012م، كانت أخلاق القتلة في ميدان محمد محمود أسوأ من مجرمي الحروب؛ فلم تكن لديهم هيبة للمُصلين في المسجد فضربوهم بالخرطوش، وكذلك الأطباء في المستشفيات الميدانية، ألقوا عليهم الغاز المُسيل للدموع ليُعرضوهم والمُصابين لخطر أكبر من الإصابة؛ حتى ااستُشهدتْ على أيديهم الشهيدة الوحيدة في معركة محمد محمود، بحسب الموقع السابق.

وبحسب جريدة الأهرام الحكومية شبه المصرية في 23 من نوفمبر/تشرين الثاني نفسه فإن رانيا اُستُشهدتْ مساء الثلاثاء 22 من نوفمبر/تشرين الثاني 2011م في ميدان التحرير نتيجة للغاز الذي أطلقته قوات الأمن المركزي على المتظاهرين، بحسب ما نقل عن الجريدة كتاب 2011 عام الثورة لعثمان الدلنجاوي ـ كتاب الجمهورية ـ صـ606، لتُصبحَ أول شهيدة من أطباء المستشفى الميداني، بحسب الجريدة والكتاب.

وكان ميدان التحرير شهد مُليونية في الجمعة 18 من نوفمبر/تشرين الثاني السابق، دعا الثوار فيه لوقف تباطئ المجلس الأعلى العسكري الذي تسلم حكم مصر بعد تنحي مبارك في 11 من فبراير/شباط 2011م، وبدلًا من أن يدعو لانتخابات رئاسية ويسلم البلاد لرئيس مدني أجل الأمر مرات؛ ما دعا النشطاء وعدد كبير من القوى للنزول للميدان، وبعد نهاية المُليونية قرر عدد من مُصابي الثورة وأهالي الشهداء الاعتصام في الميدان مُطالبين بحقوقهم، ولكن الداخلية مدعومة بقوات من الجيش قامت في صباح السبت التالي بمحاولة فض الاعتصام بالقوة، ما أدى لإصابة ثوار جدد واعتقال آخرين، وبعد ساعات توالي سقوط الشهداء، ومع قدوم مزيد من الثُوار إلى الميدان استدعت الداخلية والجيش مزيدًا من الجنود والضباط، مما أدى إلى اندلاع موجة ثورية ثانية استدعتْ وجود مستشفيات ميدانية وأطباء لمحاولة إنقاذ المُصابين.

عاشت رانيا طفولتها وجزءًا من شبابها تحلم بارتداء البالطو الأبيض لتُداوي المرضى؛ لكنها لم تكن تدري بأنها ستموت في أول الطريق المؤدي لرسالتها كطبيبة، بعد أن تخرجت من كلية الطب منذ فترة بسيطة، وشاء قدرها أن تكون أول المُتطوعين والمُتطوعات في المستشفى الميداني بمحمد محمود؛ راودها الخوف والقلق من أن تُصيبها رصاصات الغدر، لكن قلبها “ثبت” واستبشرتْ بأن تكون أولى خُطواتها الطبية هي مداواة الثوار، بعد سماعها بالاشتباكات ورغبتها مساعدة زملائها، بحسب تقرير ”الدكتورة رانيا”.. ذهبت لعلاج متظاهري محمد محمود فقتلها ”الغاز” ـ مصراوي ـ 19 من نوفمبر/تشرين الثاني 2012م.

وأثناء علاجها المُختنقين وتضميد جراح النازفين من تأثير الخرطوش والرصاص الحي اضطرت رانيا للخروج من الميدان اكثر من مرة لشراء أدوية غير موجودة في المستشفى الميداني، بخاصة بعد اقتحام قوات الشرطة والجيش للمستشفى الكبير، فاضطر المُسعفون لنقل أدواتهم وعلاجهم إلى أماكن قريبة متفرقة منها: مسجد عمر مكرم، كنيسة الدوبارة، مسجد عباد الرحمن في نفس شارع المُواجهات وأقرب نقطة طبية لمعالجة الثوار، واختارت رانيا أن تكون في المسجد الأخير، وظلت لمدة ثلاثة أيام تعمل ليلًا ونهارًا.

وفجأة في اليوم الرابع كانت أعنف المعارك؛ إذ هجمتْ قوات الأمن على المسجد والمستشفى الميداني والأطباء، فسحبت الأخيرين على الأرض (سحلتهم) وضربتهم بقوة وحطمت معداتهم الطبية، فلم تهرب رانيا من المكان وإنما ثبتتْ مثل الأبطال رغم استنشاقها دخان القنابل غير الآدمي والمُنتهي الصلاحية، والذي أُطلق بكثافة أكثر من المُعتاد، مما أدى لسقوطها مغشيًا عليها ودخولها في غيبوبة، حاول الأطباء الموجودون في المستشفى انقاذها بإخراجها منه، لكن الخرطوش الذي كانت القوات تضربه بقوة منعهم من الخروج.

عن ذلك الوقت الحرج من حياة رانيا قال زميلها بالمستشفى الميداني الطبيب أحمد فاروق إنها كانت من المُشاركات في علاج المُصابين في يناير/كانون الثاني (ربما قبل تخرجها من كلية الكب)، أما صديقتها الطبيبة داليا محمد فشددت على تقدم “مجموعة أطباء مستشفى التحرير الميدانى ببلاغ إلى النائب العام، صباح اليوم (التالي لاستشهادها)، للتحقيق فى الواقعة، وإثبات جرائم قوات الأمن المركزى بحق المتظاهرين”، بحسب تقرير «رانيا».. أول شهيدة من أطباء المستشفى الميدانى بـ «التحرير» ـ المصري اليوم ـ 23 من نوفمبر/تشرين الثاني 2011م، والتقرير المنشور بنفس الاسم في اليوم التالي بنفس الموقع والجريدة مع صورة للشهيدة.

لاحقًا وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول 2011م زعم موقع يُسمى الشارع المصري تحت عنوان خروج الدكتورة/ رانيا فؤاد عن صمتها شهيدة ميدان التحرير عدم استشهاد رانيا، مُدعيًا أن سيدة تحمل نفس الاسم قامنت بتحرير محضر في قسم الشرطة ضد موقع المصري اليوم، دون غيره من المواقع التي نشرت القصة من مثل الأهرام الحكومي شبه الناطق بلسان الدولة؛ ومصراوي، بالإضافة إلى عدم توثيق الموقع آية بيانات للشاكية مما يؤكد أن الأمر مجرد افتعال للمواقف لتبييض وجه الشرطة المصرية التي ساهمتْ وقتلت الآلاف منذ قيام الثورة وقبلها.