رامي حسين عبد العال

تميز طبيب علاج أمراض الصدر رامي حسين عبد العال (28 عامًا) بثبات قلبه مهما شاهد من أحداث قاربت الموت منه، كما في مذبحة الجمعية الشرعية بالمنصورة في 19 من يوليو/تموز 2013م، التي قتل فيها عدد من الثوار وأُصيب العشرات، ومن قبلها في يوم 28 من يونيه/حزيران من نفس العام، لما هاجم بلطجية مقر حزب الحرية والعدالة في مدينة أجا في محافظة الدقهلية حيث وُلِدَ ونشأ وترعرع، وتعرض للطعن بسلاح أبيض (مطواة) في صدره لولا أن حماه حزام للتخسيس كان يرتديه، فما كان منه إلا أن شد الرحال في اليوم التالي لاعتصام رابعة العدوية اعتراضًا على عزل الجيش لأول رئيس منتخب في تاريخ مصر بصورة صحيحة.

كان الطبيب رامي مسؤول الخيمة الإيمانية في ميدان رابعة، ولما انتقل البعض للاعتصام أمام الحرس الجمهوري ذهب معهم، وشاهد وقائع مذبحة الحرس الثانية، فجر الاثنين 8 من يوليو/تموز 2013م، إذ نصب خيمته قبلها بلحظات؛ وصلى صلاة الصبح في ميدان رابعة على بعد عدة مئات؛ وأسرع عائدًا ينقل المصابين ليعالجهم.

وكتب بعدها على صفحته بموقع فيسبوك: “إلى الشرفاء الذين لم ينزلوا الميدان، أأنتم شرفاء حتى الآن؟ لأنه لا شرف لمن رأى مصر تسرق وجلس فى بيته، ولا شرف لمن رأى الحق ولم ينتصر له، الشرف مواقف، فلينتفض الشرفاء فوراً وإلا الشرف للأبطال والشهداء ولا حجة لأحد أمام الله”.

وفي مذبحة النصب التذكاري في 27 من يوليو/تموز والتي استمرت نحو 12 ساعة قام رامي بدوره في علاج المرضى وقال لأحد أصدقائه: “هو إحنا ملناش نصيب فى الشهادة دي ولا إيه؟ فعلًا.. هي مابتلمش!”.

وبعد أن قضى أغلب شهر رمضان معتصمًا وقبل العيد بيومين زارته زوجته ومعها ابنيّه ووالديّه فقضوا يوم العيد جميعًا معه في الميدان دون أن يدروا بأنهم لن يلقوه ثانية.

وُلِدَ الراحل في 29 من يناير/كانون الثاني 1985م، وهو متزوج من طبيبة وله ابنان: أحمد عامان، وأنس 6 أشهر عند مقتله.

حفظ رامي القرآن الكريم كاملًا في طفولته وانخرط في أعمال الخير والبر والإحسان؛ وتميز بابتسامته الدائمة، شارك في وقائع ثورة يناير في المنصورة وكان من الأوائل المُبادرين فيها، ثم ذهب لميدان التحرير فكان من أبطال الدفاع عن الميدان في موقعة الجمل في 2 من فبراير/شباط 2011م، كما شهد أغلب الوقائع الثورية، وكان عضوًا نشطًا بحزب الحرية والعدالة منذ إنشائه.

يقول أحد أصدقاءه عن الثلاثاء 13 من أغسطس/آب 2013م أو ليلة المذبحة، إنه عند منتصف الليل صلى رامي قيام الليل، ثم تناول سحوره؛ وأدّى الفجر جماعة واطمئن على تأمين الميدان ثم عاد لمسامرة رفقائه في الخيمة، وبعد النوم قليلًا أوقظهم رامي قائلًا: “هيا فقد بدأ الفض!” بحسب صفحة احكيلي عن شهيد رامي حسين عبد العال في 4 من فبراير/شباط 2014م، وموقع إخوان الدقهلية بتقرير عن رامي.

ويضيف صديق رامي عن لحظاته الأخيرة: “كان الضرب (الرصاص) ينهال على الميدان من كل النواحي (كان ميدان رابعة بين مبانٍ وثكنات عسكرية)، تركنا كل شئ ما عدا شنطة المعدات والكمامة، ورامي لا تفارقه الابتسامة وهو يُعد نفسه للخروج من الخيمة، وخرجنا خارج الخيمة؛ ونظر رامي لمبنى الإدارة العامة للمرور ورأى قناص يُظهر الجزء الأمامي من السلاح، وفجأة أطلق الرصاص الغادر عليه؛ واخترق الرصاص رأسه ووقع على الأرض غارقاً في دماءه قائلًا (لقد رأيت منزلتي في الجنة)”.

حينما حمله الثوار في سيارة الإسعاف محاولين إسعافه ركب والده إلى جواره فتم اعتقاله منها، فيما قال المهندس عبد الله محمود أنه كان معه في الإسعاف؛ وفيما كان رامي في غيبوبة كاملة نطق بين الحين والآخر بالشهادتين؛ تأكد خبر مقتله لأسرته، فيما لم يعرفه والده المُعتقل إلا بعد أسبوع.

وتقول زوجته في فيديو زوجة رامي حسين عبد العال: من قتل زوجي هو اللى مش عايش ورامي موجود معانا لشبكة الصحفيين الأحرار في 18 من اكتوبر 2013م: “إنها تشعر بوجوده طوال الوقت ولا تشعر أبداً أنه فارقهم، إنه ما زال حياً ومن قتلوه هم الأموات”.

فيما قالت والدته: “أنا سعيدة جداً باستشهاد ابني، هو من خيرة شباب البلد، (كان) فيه كل البر وكل الود وكل الحب”.