كتب الباحث الأمريكي جوناثان جاير، في مجلة “أمريكا بروسبكت” مقالاً حول وفاة المصور والمخرج المصري شادي حبش في السجون المصرية.
وقال جاير في مقاله: “كان يجب إطلاق سراحه الشهر الماضي، لكن في مصر، يمكن أن يستمر الحبس الاحتياطي لمدة أقصاها سنتان، وهو ما مر به المصور والمخرج شادي حبش، حيث كان يجدد له الحبس كل 24 يومًا منذ اعتقاله في 2018. كل ذلك لإخراجه فيديو موسيقي اعتبرته السلطات مهيناً لرئيس الجمهورية”.
وتابع الكاتب “بدأ حبش مشروعه الخاص للتصوير الفوتوغرافي في سن الرابعة عشرة. ذهب إلى كل حفلة موسيقية يمكنه الذهاب إليها في جميع أنحاء مصر، والتقط صورًا لنجوم موسيقى الروك وكاتبي الأغاني”.
وأضاف: “عندما كان في الخامسة عشرة من عمره، أطاحت الثورة المصرية بالرئيس حسني مبارك، وخرج إلى الشوارع ليلتقط صور وجوه المتظاهرين المنهكين. كانت ظروفه المالية محدودة ولا يستطيع أبدًا شراء المعدات التي يتمنى العمل بها، ولكن هذا لم يمنعه من إنتاج مقاطع فيديو موسيقية ملفتة”.
توفي شادي حبش وهو في الرابعة والعشرين من عمره في السجن. وطرق زملائه السجناء على الأبواب وصرخوا مستغيثين لإحضار الإسعاف الطبي له لساعات وهو ينهار أمامهم في الزنزانة، لكن صراخهم لم يجد أذناً تسمعه، فيما تجاهلت إدارة السجن الصراخ، ولا يزال سبب وفاة شادي قيد التحقيق، وفق ما أوضح الكاتب.
وأردف: “بالنسبة لرجل ضعيف البنية، كشادي، كانت التهم الموجهة له غير مبررة، مثل الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وازدراء الدين، وإهانة الجيش”.
وقال جاير: “في ظل النظام الاستبدادي المتسم بجنون العظمة للجنرال السابق عبد الفتاح السيسي، لا توجد مساحة للمبدعين مثل حبش. والآن، بعد أن قضت الحكومة على مجموعات كاملة من المعارضة السياسية السلمية، تتوجه حالياً بإجراءتها الصارمة ضد مجموعات غير مسيسة، لها بعض النشاط غير السياسي على الإنترنت والمؤثرين على التطبيقات مثل Instagram”.
وتابع: “لفهم موت حبش المأساوي والمفاجئ، يجب على المرء أولاً أن يفكر في سبب خوف السيسي من أن يطلق عليه اسم البلحة، أو ثمرة شجرة التمر. لا أحد متأكد تمامًا من الذي بدأ في تسمية السيسي بهذا الاسم ولماذا، هل لأن السيسي قصير وممتلئ، أم إشارة إلى إحدى شخصيات فيلم شهير أنتج عام 1989 حيث يظهر مريض عقلي يُدعى Balhaha وعليه أعراض جنون العظمة؟ وهل ضايق الوصف السيسي لأنه من السخف وصف أقوى رجل في البلاد بأنه مجرد “بلحة”؟”.
وأضاف في مقاله: مهما كان الأمر، “يبدو أن الكثير من الناس سيفهمون المقصود دون الحاجة إلى تفسير، وهو الأجمل في الأمر، على ما أعتقد”، يعلق ورسام الكاريكاتير أنديل، الذي يقيم الآن في باريس “[إنها] مثل الميمات التي لها معنى دون معرفة المرجع”.
بعد القضاء على المعارضة من معظم الصحافة، بذلت الحكومة كل ما في وسعها لحظر اللقب، ولهذا السبب كان مصير شادي حبش هو الحبس في أكثر السجون قمعاً في البلاد.
عمل حبش مع المغني المصري رامي عصام على الفيديو الموسيقي “Balaha” عام 2018.
كان عصام أحد الأصوات البارزة التي كانت تهتف لإسقاط مبارك في ثورة يناير 2011. في ميدان التحرير، قام بإنتاج أغاني الاحتجاج المصرية لجيل جديد، ونتيجة لذلك قامت السلطات بتعذيبه في قبو المتحف المصري أثناء أحداث ثورة يناير. لكنه خرج ليرتفع صوته أكثر دفاعاً عن الحرية، واستمر في إنتاج أغاني ضد النظام، حتى بعد أن غادر مصر في 2014، طالباً اللجوء في السويد.