أحمد راشد محمد مشهور (38 عاما)، من بلدة كفر طرخان التابعة لمركز الصيف في محافظة الجيزة، تخرج من كلية دار العلوم جامعة القاهرة، وعمل مدرسا للغة العربية ومحفظاً للقرآن.
تزوج أحمد وأنجب أربعة من الأبناء، هم أنس وعلي ومحمد ومؤمن، ولم يتجاوز أكبرهم، أنس، الثانية عشر وقت فقده لأبيه الذي ورث شجاعته.
هذه الشجاعة تجلت بعد استشهاد الوالد باستمرار أنس في المشاركة في الخروج بالمسيرات الرافضة للانقلاب العسكري، وصحبة والدته في الوفقات المطالبة بدم والده والقصاص من قتلته.
كان أحمد حالما طموحا، ومعروفا بخلقه الكريم، ومواقفه النبيلة التي لا يزال أقرانه ومحبوه يتذكرونه بها،عرف أحمد كذلك بطيب الحديث وصدق الصحبة ولين الجانب وفيض المحبة للغير، ومن ثم كان من الطبيعي أن يستنكر أهالي قريته ومن عرفوه، ما نقل عنه وعن أقرانه من تهم بحمل السلاح أو القتل والأرهاب، وبات الحديث عن ذلك مدعاة للتكذيب والاستنكار.
كان له أثر كبير وملموس في التربية وتقويم السلوك الإنساني بما في مصالح أهل قريته، فحضوره ودوره الرائد في إدارة حضانات أطفال قريته، أورثته محبة واعتزازا وثقة واسعة من قبل أهل القرية، وحبا جارفا من الآباء والأمهات مع امتنان كبير لما يتركه من أثر في أبنائهم. ويتجلى ذلك من خلال زيارة صفحته على موقع التواصل فيسبوك.
وإلى جانب أدواره التربوية والخدمية، كان أحمد واسع الاطلاع، محبا لدراسة الفقه وعلوم الشريعة، حتى لقب بين أقرانه وأصحابه بـ “حجة الدين”، وكان إلى جوار تعمقه في علوم الشريعة، مطلعا على علوم ومجالات أخرى.
كان أحمد راشد من المشاركين في ثورة 25 يناير، وما لحقها من توابع وأحداث، وانحاز إلى من دعموا شرعيتها وشرعية ما انبثق عنها من استحقاقات انتخابية، فكان من المشاركين في اعتصام ميدان النهضة، وحرص على التواجد فيه وقُتل فيه برصاصتين في الصدر، سقط بعدها مدرجا في الدماء، لينضم إلى كوكبة شهداء فض اعتصام النهضة الذين جاوز عددهم العشرات.
تلقت زوجته هالة محمد خبر استشهاده، وهي منهمكة بمتابعة أخبار الفض المتوالية بمآسيها وصدماتها على شاشة التلفاز، وبينما هي كذلك أتاها الاتصال من شقيق زوجها الذي أبلغها باستشهاد زوجها، وواساها وأوصاها بالصبر والاحتساب، فألهما الله الثبات والطمأنينة حينها، وسألت ربها في تلك اللحظة أن تشهد اليوم الذي يعود فيه حق زوجها.
لم تحاول والدته الحاجة روحية، إثناءه عن المشاركة أو منعه من التواجد في الميدان، فهي تعلم مقصده وهدفه وتؤمن بسموه ونبله.
تحكي الوالدة في رضا وقبول، كيف أنها لم تحاول منعه من الذهاب إلى الميدان
تستذكر كيف أنها حين كانت توصيه على أولاده، يرد عليها بقوله “إما النصر أو الشهادة” الأمر الذي عزز لديها الشعور باقتراب أجله، فاستودعته وربتت على كتفه وقالت له “اللي عند ربنا ما بيضيعش يا ولدي”.
كانت جنازة أحمد راشد رفقة شهيد آخر لفض النهضة، وهو ناصر حنفي، والتي خرجت في منطقة الاخصاص بحلوان، مهيبة لا تكاد يحصى عدد من شاركوا فيها، وظل المشاركون فيها يهتفون مطالبين بالقصاص من القتلة، ويؤكدون العزم على المضي قدما على طريق الشهداء.