أحمد أمين الحسيني عبد القادر البلقا

شارك أحمد أمين الحسيني عبد القادر البلقا (24 عاماً)، في جميع الفعاليات الثورية منذ بداية ثورة 25 يناير 2013م، بالإضافة لعمله في عدد من الجمعيات الأهلية، وتعليمه القرآن الكريم للأشبال والفتيان بالمدارس.

ووُلَدِ في 30 من ديسمبر/كانون الأول 1989م بمدينة المنزلة التابعة لمحافظة الدقهلية، ونشأ في بيئة متدينة لوالد يعمل مديرًا بوزارة الشباب والرياضة، أما والدته كريمة فأخصائية اجتماعية، مع وجود شقيقة له هي: فاطمة، خريجة كلية الصيدلة، وشقيقان هما: إسلام الطالب الجامعي، وأسامة الطالب بالمرحلة الإعدادية.

ولكون أحمد كادرًا طلابيًا نشيطًا في المعهد العالي للإدارة والحاسب الآلي ببورسعيد تم فصله تعسفيًا عدة مرات، وفي ذلك قال زميله في الدراسة إيهاب غنيم: “أحمد اتمرمط (تعب بشدة) في حاسب آلي أيام أمن الدولة عشان (كان) إخوان ، كل شوية ياخد فصل أسبوعين وفصل شهر وما كانوش عاتقينه “.

لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة النضال، ولما بدأت الدعوات للنزول لميدان التحرير يوم 25 من يناير/كانون الثاني 2011م، وإشعال الثورة كان أحمد أحد أعضاء مجموعة الشهيد خالد سعيد على الفيسبوك؛ رغم أنه وقتها كان باختبارات نصف العام في معهده إلا أنه تركها وانطلق في مظاهرات إسقاط النظام بمدينة المنصورة عاصمة محافظته؛ ولم يخبر أهله إلا بعد سفره من بلدته حتى لايمنعنه أحدهم، ولكن بعد مطاردات أمنية تم اعتقاله في نهاية اليوم مع عشرات الشباب ليُودعوا سجن المنصورة، ليكون من قلائل شباب مدينته مشاركة بالثورة منذ البداية رغم التهديدات، والشاب الرابع من شباب الإخوان في بلدة المنزلة استأذانًا للمشاركة بالمظاهرات.

ومن الطريف أن أحمد خرج من السجن يوم الجمعة 28 من يناير/كانون الثاني (جمعة الغضب) فلم يهدأ وإنما انطلق إلى القاهرة معتصمًا في ميدان التحرير حتى سقوط الرئيس المخلوع مبارك، واستمر مُشاركًا في المظاهرات مدة تُقارب عامين ونصف العام، حتى أحداث 3 من يوليو 2013م وعزل الجيش لأول رئيس مُنتخب في تاريخ مصر بصورة صحيحة، عندها صمم الراحل على السفر لميدان رابعة العدوية في حي مدينة نصر (شرقي القاهرة) ومعه حقيبة سفره، تاركًا عمله في متجر، مُصرًا إما على عودة الديمقراطية أو استشهاده، وفي ذلك تقول والدته: “تحدى أحمد كافة الظروف ومنها مرض خاله الذي كان يحتضر في ذلك التوقيت”.

ظل أحمد مُعتصمًا وخرج من رابعة في المسيرات المختلفة إلى شوارع القاهرة مرددًا شعادارت: “إسلامية إسلامية، يسقط يسقط حكم العسكر، في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء، هى لله .. هى لله”، قاضيًا آخر شهر رمضان بحياته في العبادة وحراسة الميدان وخدمة المُعتصمين.

وفي العيد طلب من جميع أفراد أسرته مشاركته فيه لكن في رابعة، وراح بحماس يعرفهم على أنحاء الميدان، ولم يكن الجميع يدرون أنه العيد الأخير له بينهم، بحسب: “في إحدى التقارير”.

عاد أفراد أسرة أحمد وتركوه، وفي صباح الأربعاء 14 من أغسطس/آب 2013م فوجئ بقوات الجيش والشرطة قادمة لفض الميدان لينطلق نحو أحد مداخل الميدان ناحية طيبة مول ليقف حارسًا ويكتب قبلها على صفحته بالفيسبوك: “هذﺍ ﻣﺎ ﻭﻋﺪﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮله، ﺃﺷﻬﺪ ألَّا إﻟﻪ إلا ﺍﻟﻠﻪ ﻭأﻥ ﻣﺤﻤﺪاً ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ”.

ظل الشهيد حتى السادسة والنصف صباحًا مُرابطًا عند جراج المركز التجاري، ثم عاد ليُبدل ملابسه وينطلق ومعة زجاجات للبيبسي والخل محاولًا إسعاف المُتظاهرين المُصابين من تاثير القنابل المُسيلة للدموع خلف المركز التجاري عند شارع النصر مع آخرين منهم المتظاهر عمر صلاح الذي يقول: “كانوا (الشرطة والجيش) بيضربوا حي وغاز ومصابين وقعوا ، شممنا الناس خل، تقدمت للأمام وعدت في دقيقة لكنه (أحمد) اختفى ، وبعدها بدقائق أصبت فاتصلت عليه فلم يرد ثم أصبح (محموله) غير متاح.

أصيب الراحل بعدة رصاصات في بطنه، وكان من أوائل شهداء الميدان، أحد الثوار صوره بعد وفاته وحضرها فيقول عنها: “حين أصيب أحمد بالرصاص طلب مني ألَّا يمس جسده أحد من العسكر، ثم قال (لي): بلغ سلامي لأهلي”.

عقب صلاة فجر اليوم التالي (الخميس) شيع الشهيد لمثواه الأخير في مدينته آلاف المشيعون هاتفين: “يا إعلام يا كداب .. ابن البلقا مش إرهاب”.

كان أحمد كتب وصيته قبل استشهاده بنحو عام وأوصى بقرائتها على قبره وجاء فيها: “أوصيكم بالدعاء والاستغفار لي، وانشروه الصالح مما كتبت على الانترنت، وإن وجدتم شيئا يخالف دين الله فامسحوه”.

وصف الفقيد شقيقه الأصغر أسامة بعد رحيله قائلًا: “أحمد ماكنش أخويا بس ده كان أستاذي وصاحبي وقدوتي”، أما والده فكتب موجهًا كلماته إليه: “عزائي أنك حققت ما كنت تتمناه وأنك الآن في جنة الخلد مع الشهداء والصديقين لأنك صدقت الله فصدقك الله ورزقك الشهادة التي كانت أسمي أمانيك”، بحسب سيرة الشهيد بصفحة سندوب أون لاين على الفيسبوك في 15 من أغسطس 2013م.