نبيل عبد الله محمد إبراهيم عصفور

عاش نبيل عبد الله محمد إبراهيم عصفور حياة عادية، وُلِدَ في 14 من يناير/كانون الثاني 1968م، ولم يتلق نصيبًا كبيرًا من التعليم؛ فتعلم صنعة سباكة المعادن منذ صغره وبرع فيها، وكان بحسب ما قال أحمد ناصر نجل شقيقه، يجمع بين الأخلاق والدين بشكل نادر، ترك لحيته، وحرص على العفة والطهارة، وكثيرًا ما نصح أحمد بعدم أكل المال الحرام بأي شكل من الأشكال.

أما جاره إسلام سلامة فيؤكد على محبة الشهيد لفعل الخير على الدوام، وذهابه لميدان رابعة العدوية من أجل انتمائه لدينه ووطنه، وقال إنه حزن بشدة عليه بعد وفاته، حتى جاءه في المنام قائلاً له إنه في الجنة ولا يريده أن يحزن عليه، فيما بين نجل شقيقته، هاني محروس، إنه كان واصلًا لرحمه شهمًا مات من اجل نصرة المظلومين.

تزوج نبيل في سن مبكرة أو في قرابة العشرين من عمره من نجلاء عبد اللطيف وأنجب ولدًا واحدًا هو حسام (24 عامًا)، وثلاث فتيات منهن فاطمة وأسماء، وتؤكد الأخيرة أن والدها كثيرًا ما اشتكى من الظلم والقهر المنتشر في مصر، ولذلك شارك في ثورة 25 يناير منذ بدايتها، وأصابه حجر في فمه نزف كثيرًا وظل يؤلمه حتى استشهاده.

وتضيف أسماء أن والدها حتى قبل الثورة المصرية كان يقول لها إنه يريد أن يموت شهيدًا في سبيل تحرير المسجد الأقصى، ولما جاءت الثورة قال: “نحرر مصر بإذن الله ثم نتجه إلى فلسطين”.

وكانت زوجة نبيل وابنته أسماء تعترضان على رغبته في الشهادة فكان يقول لهما: “ألَّا تريدان أن تلبسا تاج الكرامة في الآخرة، وأن تسيرا بين الناس مفتخرتين به، أم تريدان دخول الجنة مجانًا؛ أليس من الأفضل أن نقدم أنفسنا في الدنيا لنستريح في الآخرة؟”، بحسب حلقة برنامج أحياء في الذاكرة بقناة الجزيرة..لقاء مع أسرة / نبيل عبد الله في 18 من ديسمبر/كانون الثاني 2014م.

يوم المذبحة أو 14 من أغسطس/آب 2013م، كان نبيل يواصل الاعتصام في رابعة بعد عزل الجيش لأول رئيس منتخب في تاريخ مصر بصورة صحيحة، ورغم أنه لم يكن مُنحازًا لشخص بعينه، أو حتى تيار أو حزب سياسي إلا أنه لم يكن يترك فعالية منذ الثورة، كما تقول زوجته، ولكن الأخيرة لما شاهدت بداية المذبحة في فضائية عربية أسرعت لتتصل به فلم يرد.

وبعد حين رد على أحد أقاربه فرجاه الأخير ترك الميدان والعودة ليسلم من الخطر الشديد؛ أجابه نبيل بأنه من المستحيل أن يترك أخوانه وإخوته في الميدان (رابعة) لينجو بنفسه، فلما أخبره قريبه بأن زوجته تريد أن تتحدث إليه أسرع بإغلاق الخط، ثم غلق المحمول نهائيًا لئلا تؤثر كلمات زوجته عليه، بحسب قول الأخيرة.

ووصف هاني محروس ما فعله خاله يوم المذبحة بأنه كان يحاول الدفاع عن النساء أمام طوفان الرصاص والغاز المسيل للدموع والخرطوش بأن يقذف قوات الشرطة والداخلية بالحجارة.

وبين أنه أصابه خرطوش في رأسه في البداية اُضطرَ معه إلى أن يأخذ جانبًا بعيدًا ليستريح، لكنه لما شاهد تصاعد القتل والإصابة واصل عمله في محاولة وقف الاعتداء حتى أصابته رصاصة قناص خلف رأسه مباشرة.

أما نجل الشهيد، حسام، فقال إن والده اتصل به صباح يوم المذبحة ليوقظه لصلاة الفجر، وعقبها -في الخامسة صباحًا- عاود حسام النوم ليوقظه نجل عمه بعد عودته من ميدان النهضة مؤكدًا وجود مذبحة في رابعة، حاول الابن الاتصال بوالده مرات؛ فلم يرد عليه، وفي العاشرة صباحًا أخبرته طبيبة في المستشفى الميداني بأن: “صاحب هذا المحمول اُستُشِهد وهو لدينا”.

وأسرع حسام بالذهاب للميدان لكنه لم يستطع الدخول يوم الأربعاء، فذهب باحثًا في جميع المستشفيات المحيطة حتى اليوم التالي.. عندما أخبره نجل عمته بأن والده موجود في مسجد الإيمان القريب من الميدان، لكن دون أن يكون معه أي أوراق ثبوتية، إذ تمت سرقة جميع ما معه.

وفي قسم الشرطة اشترط الضباط لتسليمه لأهله أن تتم كتابة سبب الوفاة في التقرير الطبي بـ”اشتباكات مع جماعة الإخوان”، فرفض حسام وأهله وتشاجروا وصاحوا في القسم حتى تم إبدال سبب الوفاة وكتابة الحقيقة: وفاته نتيجة طلق ناري في الرأس، مع توجيه أهل نبيل اتهامًا بمحضر منفصل للشرطة والجيش بقتله.