محمد أحمد جمال الدين محمد السيد

عقب تخرج محمد أحمد جمال الدين محمد السيد (31 عامًا)، من كليته فضل أن ينفق على أسرته، خاصة بعد عمله كمشرف على العمال؛ ولكن قيام ثورة 25 يناير غيّر مسار حياته، ويروي شقيقه طاهر أنه شارك في الثورة منذ يومها الأول، وخلال يوم موقعة الجمل (الأربعاء الثاني من فبراير/شباط 2011م) اتصل به أحد الثوار قائلًا: “صاحب هذا الهاتف مصاب في ميدان التحرير”، وأخبره عن المكان.

وعندما ذهب شقيقه إلى الميدان فوجيء باستشهاده إثر رصاصة من بندقية قناص دخلت من الجانب الأيمن من صدره لتخرج من الجانب الآخر، وذلك عند مدخل الميدان من جانب المتحف المصري، بحسب التقرير الطبي الرسمي.

وهاجمت مجموعة من البلطجية ومنهم ركاب الخيل والجِمال، الثوار المعتصمين ضد حكم مبارك في ميدان التحرير، ويوم الأربعاء الثاني من الثورة، باغتوا الميدان كله وتسببوا بدعم من الفلول بإصابة وقتل عدد كبير منهم، وفي النصف الأول من أكتوبر/تشرين الثاني 2012م أصدرت المحكمة المختصة حكمهما ببراءة جميع المتهمين في أحداث موقعة الجمل، ليعلق شقيق الشهيد: “ربنا هو إللى بيحاسب، وإحنا ملناش حقوق فى الدنيا”.

وأضاف طاهر في تقرير شقيق «محمد جمال»: حق الشهداء ضاع مع أول حكم بالبراءة ـ المصري اليوم ـ في 12 من أكتوبر/تشرين الثاني 2012م: “الأسرة كلها فى حاله ذهول، ووالدتى دخلت فى نوبة بكاء بعد الحكم، ولم تفق من هول الصدمة إلى الآن، وكل ما قالته هو حرام حقه يضيع كده، والبيت كله فى حاله حزن”.

وتابع: رغم أني “كنتُ متوقعًا الحكم بالشكل ده”، ثم يضيف بمرارة:”إللى بيحكم (يقصد الرئيس الراحل محمد مرسي الذي كان يرأس الدولة وقتها) مش مهتم بقضية الشهداء، وكل ما نسمعه مجرد شعارات فقط؛ تدفع أهالى الشهداء (أموالًا) لنسيان القضية، عبر الدخول فى دوامات القضاء غير الناجز، حتى أن الدولة أخذت منا ٧٥٠ جنيهاً رسوم القضية”.

وأضاف شقيق الشهيد: “والنتيجة كما سمعنا.. براءة للجميع، لكن فى النهاية من خرجوا ليسوا أول متهمين يخرجون من قضايا قتل المتظاهرين فى الثورة، ضباط الشرطة والأمناء فى جميع المحافظات خرجوا براءة، وكأن مَنْ ماتوا لم يكونوا أشخاصاً حقيقيين من لحم ودم، علشان كده … عرفت أن حق الشهداء ضاع بعد أول حكم ببراءة الضباط المتهمين”.

واختتم طاهر كلماته بالقول: “وإلى الآن الدولة لم تفعل أى شىء لإعاده حقه، وكل ما حصلنا عليه هو ١٠٠ ألف جنيه تعويضاً، ولم تفعل شيئاً آخر غير ذلك، انتظرنا القصاص العادل من المتهمين ولكن لم يحدث شىء، وما باليد حيلة”.

من جانب آخر كانت الحكومة أعلنت في 23 من أبريل/نيسان 2011م بحسب تقرير إعلان شهداء يناير المستحقين للمعاش ـ الوفد ـ في نفس اليوم عن أسماء الشهداء المستحق أهلهم لمعاش عنهم ومن بينهم أسرة محمد جمال، مع إبراز سبق تأخر الاستجابة للطلب.

في 11 من فبراير/شباط 2016، أورد موقع البداية الخاص اسم الشهيد ضمن لا تنسوهم .. قائمة بأسماء أكثر من ألف شهيد ارتقوا في ثورة «25 يناير» وأسقطوا مبارك ونظامه ـ 5 سنوات على رحيل مبارك.. و4 أنظمة تعاقبت على حكم مصر وشهداء الثورة بلا قصاص، وجاء اسمه تحت رقم مائتين واثنين وعشرين.

فيما أورد كتاب دماء على طريق الحرية تورة 25 يناير ـ حنان بدوي وحنان السمني ـ دار صفصافة ـ الطبعة الأول ـ يناير/كانون الثاني 2012م اسمه تحت نفس الرقم أيضًا.

ومن جانبه أكد موقع ثورة 25 يناير ـ صفحة محمد أحمد جمال الدين محمد السيد ـ بدون تاريخ أنه كان من المنتمين للقاهرة الكبرى، ولكنه أخطأ بذكر إنه استشهد يوم 3 من فبراير/شباط، كذلك فعل موقع فوكس إيجيبت تحت عنوان صور شهداء ثورة 25 يناير + معلومات عنهم و صفحاتهم على الفيس بوك في 9 من مايو/آيار 2011م، لا الثاني من فبراير/شباط كما أكد غيره من المواقع نقلًا عن شقيقه.

وبرر المحامي المسئول عن قضية موقعة الجمل فى الشبكة العربية لحقوق الإنسان على عاطف، في تصريح صحفي، سبب ضياع حقوق الشهداء في القضية بأنه يرجع إلى أن: “.. قضاة التحقيق لم يقوموا بالتأكد من صحة البلاغات المقدمة، واعتمدوا بشكل أساسى على الشهادات السمعية، الأمر الذى سهل على دفاع المتهمين إنهاء القضية لصالحهم، بعد أن قاموا باستغلال الأخطاء الإجرائية للمحاكمة”، مشددًا على أن “النائب العام (عبد المجيد محمود وقتها) هو المسؤول الأول عن ضياع هذه القضية، والطعن الذى تقدم به مجرد تهدئة للرأى العام فقط، حتى أن رئيس النيابة لم يحضر جلسة النطق بالحكم”.