فريد إسماعيل عبد الحليم

امتلك الطبيب الصيدلي الأكاديمي فريد إسماعيل عبد الحليم (58 عامًا) أخلاقًا حميدة جعلته يكسب مشاعر حتى أعداءه، حتى أنه حينما ذهب ضباط الداخلية للقبض عليه في إحدى الشقق السكنية ببرج القصر الأبيض بالزقازيق في محافظة الشرقية ذكَّرهم في فيديو بأفضاله كبرلماني عليهم، وقال في الفيديو الذي نشره مركز الإعلام الأمني فجر اليوم التالي للقبض عليه (الاثنين 2 من سبتمبر/أيلول 2013م): “أنا اللي طلعت قانون الشرطة، أنا واللواء عباس مخيمر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب المنحل، قعدنا 10 ساعات، لكن ياللا بقى”، فرد عليه أحد الضباط: “هو إنت اللي عملته؟”، فأجابه الشهيد (بإذن الله) في ثقة: “والله العظيم أنا اللي عملته وكان فيه معارضة رهيبة من الداخلية، ومعايا شهود من عندكم (يقصد الشرطة)”، بحسب فريد إسماعيل لحظة القبض عليه: «ما طمرش قانون الشرطة اللي عملناه» ـ المصري اليوم في التاريخ السابق، وادعت الداخلية وقتها إعداده للهروب إلى غزة.

تم ترحيله لسجن طرة أولًا، وهناك عانى من بداية الإهمال المُتدرج فيما يخص صحته فيه وفي غيره من السجون، وتعمد إيصاله لحد الموت بحسب تأكيد شخصيات مصرية مختلفة الانتماء السياسي عند رحيله عن الدنيا في الأربعاء 13 من مايو/آيار 2015م.

وُلِدَ الراحل في 17 من يونيو/حزيران 1957م في مدينة فاقوس بالشرقية، وتدرج في تعليمه المدني حتى حصوله على بكالوريس الصيدلة عام 1980م، ولاحقًا نال الدكتوراة وعمل أستاذًا بنفس الكلية في جامعة الزقازيق.

أما العمل السياسي فبدأه من مقاعد الدراسة الجامعية؛ إذ كان عضوًا في اتحاد طلاب كليته؛ ثم أصبح بعد تخرجه عضوًا بنقابة صيادلة محافظته لدورات ثلاث، وبعد ثورة 25 يناير أصبح بارزا في المكتب التنفيذي والهيئة العليا بحزب الحرية والعدالة، ثم عضوًا بمجلس شورى عام جماعة الإخوان المسلمين؛ وعضوًا بمجلس أمناء الثورة، وعضوًا بالجمعية التأسيسية لدستور 2012م، ووكيلًا للجنة الدفاع والأمن القومي.

ودخل البرلمان بعد نجاحه في انتخابات 2005 حتى 2010م؛ وكان “أول برلمانى يتهم حكومة (أحمد) نظيف (رئيس وزراء مصري أسبق) بالخيانة العظمى ويطالب بمحاكمتها؛ بسبب بيع 650 ألف متر مربع من أرض طابا لشركة إسرائيلية”، بحسب: فريد إسماعيل.. شهيد أذهل الناس بحسن خلق ـ موقع الحرية والعدالة في 8 من يونيو/حزيران 2016م.

ثم أُعيد انتخابه ببرلمان 2012م عن دائرة فاقوس وشهدت الدورة البرلمانية إنجازات كبيرة له، سواء في الجانب التشريعي أو الرقابي أو الخدمي، حيث قدم أكثر من 1500 أداة رقابية، ليظهر في البرامج التلفزيونية بكثافة وكذلك بالجرائد.

بعد التغيير السياسي الذي شهدته مصر في 3 يوليو 2013م، شارك الدكتور فريد في اعتصام رابعة العدوية (شرقي القاهرة) وصرح وقتها بـ:”استمراره في الاعتصام حتى عودة الشرعية الممثلة في الرئيس محمد مرسي، ودستور 2012 الذي أقره الشعب باستفتاء شعبي، آملا في سقوط ما وصفه بـ”الانقلاب الدموي”.

لاحقًا حُكِمَ عليه بالسجن سبع سنوات كمتهم بأحداث شغب وتظاهر في دائرة قسم الزقازيق، كما تم تلفيق قضية “التخابر الكبرى” له واتهامه بجرائم: “التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد (منها حماس)، وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها للإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية”.

نقل الراحل لسجن العقرب الشديد الحراسة ليعلن نجله قبل وفاته بأيام بأنه في حالة صحية خطيرة بعد دخوله في غيبوبة كبدية؛ عقب سجنه انفراديًا؛ ثم تم نقله لمستشفى سجن الزقازيق العمومي مصابًا بجلطة في المخ غيبته عن الوعي حتى وفاته، بحسب بورتريه: فريد إسماعيل.. قيادي يمتاز بالهدوء وحسن الحوار والجوار ـ عربي 21 ـ علي سعادة ـ 15 من مايو/آيار 2015م.

فور وفاته وجه حزب الحرية والعدالة اتهامات لمسئولي السجن بالتقاعس عن علاج الراحل؛ ومن جانبه زعم مركز الإعلام الأمني التابع للنظام أن الراحل توفى في مستشفى المنيل الجامعي بعد: “معاناته من تليف كبدى وإلتهاب فيروسى (C)، أصيب على أثره بغيبوبة كبدية”، بحسب فريد اسماعيل : اغتيال المروءة والشرف ـ موقع السراج الإخباري ـ 17 من مايو/آيار 2015م.

شهدت قرية الحمادين في الشرقية في اليوم التالي لوفاة الدكتور فريد جنازة كبرى له انطلقت بعد صلاة الظهر من مسجد الخلايلة؛ ومن جانبها أنزلت قوات الأمن عددًا كبيرًا من قواتها حول الجنازة وبالمرافق المختلفة في القرية، بحسب تقرير جنازة فريد إسماعيل تنقلب إلى مسيرة ضد الانقلاب (فيديو) ـ عربي 21 ـ 14 من مايو/آيار 2015م.

هتف المُشيعون للجنازة بسقوط النظام، فيما دعت أسرة الراحل لاقتصار العزاء على المقابر، ونظمت جماعة الإخوان عددًا من السلاسل البشرية على الطرقات لنعيه؛ رافعين صوره وصور الرئيس الراحل محمد مرسي وإشارات رابعة، بحسب: بالصور.. تشييع جنازة فريد إسماعيل وسط هتافات مناهضة للنظام بالشرقية ـ الشروق ـ 14 من مايو/آيار 2015م.