محمود عبد الرحيم.. الموت قهرا على وفاة الزوجة والابنة

كان وقع الصدمة كبيرا على المعتقل محمود عبد الرحيم الذي تلقى خبر وفاة زوجته وابنته وهما في طريقهما لزيارته، فتوفي في محبسه بسجن جمصة العمومي بمحافظة دمياط يوم 17 أغسطس 2023 عن 50 عاما، بعد معاناته المستمرة مع المرض الذي تفاقم بشكل كبير بعد الفاجعة.

كان محمود عبد الرحيم يعمل موظفًا في الأوقاف، وفُصِل من عمله بسبب معارضته للانقلاب العسكري في مصر، وهو أب لأربعة أولاد، وعانى من ظروف صعبة حيث كان محكومًا بالسجن لمدة 3 سنوات في القضية رقم 345 لسنة 2014، بحكم من محكمة عسكرية في الإسماعيلية، وكان من المفترض أن تنتهي محكوميته في أكتوبر 2023.

تعرض محمود، الذي كان مريضًا منذ سنتين بمرض مزمن في الرئة ونسبة من الأورام في جسده، لإهمال طبي خلال فترة اعتقاله، حيث لم يُنقل إلى المستشفى إلا بعد وفاة زوجته، ورغم حالته الصحية السيئة، رُفض طلب العفو الصحي الذي قدمته أسرته بعد فاجعة وفاة زوجته وابنته، وذلك بزعم أن حالته مستقرة، مما زاد من معاناته وأفسد عليه حياته.

وعانت أسرة محمود قبل وفاته واقعة فقدان الأم والأخت، حيث توفيت ابنته هاجر، نتيجة حادث انفجار سيارة وقع أثناء توجهها مع والدتها لزيارة والدها المسجون في سجن جمصة في 25 مايو 2023، وتعرضت والدتها لإصابات بالغة في الحادث توفيت بسببها في 5 يونيو 2023، وكانت هاجر في العشرين من عمرها وتدرس علم الاجتماع بجامعة الأزهر.

وذكرت مصادر من أسرتها أن النيابة العامة وإدارة مستشفى دمياط تعنَّتتا في استخراج تصريح دفن هاجر، واشترطوا دفنها بعد منتصف الليل، كما أعادوا التحقيقات مع كل المصابين، بينما جرى تسليم جثمان السائق عصرًا.

ويعد محمود عبد الرحيم، ثاني شخص يتوفى في السجون ومقار الاحتجاز في أغسطس 2023، والـ 24 منذ مطلع العام لأسباب مختلفة بينها الإهمال الطبي، وسوء أوضاع الاحتجاز والتعذيب والوفاة الطبيعية في ظل ظروف سجن مزرية.

ويعاني أهالي المعتقلين من تضييق متواصل وإجراءات مشددة من قبل السلطات المصرية قبل تمكينهم من مقابلة ذويهم، وتقضي بعض الأسر سفرًا لعدة ساعات من أجل لقاء المعتقَل، في حين أنها لا تستمر سوى بضع دقائق أو تُلغى تماما، ويعاني آخرون في بعض السجون من الزيارة خلف حائط زجاجي والتحدث عبر هواتف مراقبة أمنيًّا، فضلا عما يحدث قبل زيارات المعتقلين من تفتيش أمني للطعام والملابس والأدوية، وقد لا تسمح السلطات الأمنية بدخول بعضها أو كلها، كما تشتكي السيدات من التفتيش الذاتي الذي يصل لمستوى التحرش بهن قبل الزيارة.

وبحسب منظمات حقوقية يواجه السجناء السياسيون، غالبًا اتهامات مثل بث ونشر أخبار كاذبة، والتحريض على العنف والإرهاب، وتهديد الأمن القومي وغيرها، ويحاكمون وفقا لقوانين خاصة بالإرهاب والتظاهر والطوارئ أمام القضاء العسكري ومحاكم أمن الدولة، وقد سجن آلاف النشطاء والمحامين والصحافيين ومواطنين عاديين بهذه التهم، منهم أشخاص أبدوا معارضتهم للنظام وسياساته في مدونات نشروها على منصات التواصل.